رِثاءٌ ووَفاء (1)


يا شاعرَ اليرموكِ هذا كوكبٌ         =       في اللّحدِ أمسى عَنْ ذُرانا رَاحِل


قَدْ كانَ فينا بَسمَةً وضّاءَةً          =        واليوم غابَ وما لِقاءً حَاصِلُ


كم عزّ فينا كلّ فقدٍ مثله          =           لكنَّها الأقْدارُ تُنْهي, تَقْتُلُ


عُذْراً أخي ما في المراثيَ  وصْفه        =         تقْواهُ قد برزت وإني  قَائِلُ


*********************


حُلْوُ الشمائِلِ هَلْ غِيابُكَ طائِلُ       =     أم أنَّ كُلَّ الكَونِ مِثْلُكَ زَائِلُ


يا ذا الودَاعَةِ والمُروءَةِ والتُّقى      =   يَبْدو غَدوْتَ ,وحالَ دونَكَ حَائِلُ


بربيعِكمُ جَاءَ الخريّفُ مُسارِعاً     =       فالحُزْنُ خَيّمَ والفَجِيعةُ تُذْهِلُ


لا لاعْتِراض على المُقدَّرِ فالذي       =     يُعْطي العَطاءَ مَتى أرادَ يُبَدِّلُ


أمْضَيتَ فَصْلَ الصيفِ في يَرْمُوكِنا     =      أمّا الشِّتاءُ نَرَاهُ عَنكَ يُسائِلُ


وَكَذا المَشافي كَمْ تَئِّن رَحِيلُكُم       =      والعَامِلونَ وَكُلُّ شَخْصٍ نَازِلُ


ثُمَّ الأَسِرَّةُ قَدْ بَكَتْ لِغِيابِكُمْ        =      وَتَضوَّرَتْ ألمَاً لِأنَّكَ آفِلُ


ماتَ الكَلامُ وَغَرْغَرْتْ أنْفاسُهُ      =    عَفْواً إلهي أَنْتَ أَنْتَ العَادِلُ


يا أَهْلَ جُمْحا ما المُصابُ بِهيّنٍ        =     فَحُسيّنُ بانَ وأنَّهُ لمَفُضَّلُ


إنْ كانَتْ اليَرْمُوكُ ناحَتْ فَقْدَهُ        =       فالصحْبُ كَمْ نَحَبُوا وَلمْ يَتَحمَّلوا


هَذي عُمَيمَتُكَ التي بِكَ رُوِّعَتْ         =       قَدْ نابَها فَزْعٌ ,أتتكَ تُولوِلُ


قَدْ لفَّها الحُزْنُ الكَبيرُ بِحُرْقَةٍ      =    وأنْتَ لِدارِكَ والدمُوعُ هَواطل


**************************


يا ابنَ النَسيبِ أَهَلْ صَحيْحٌ لَمْ تَعُدْ؟    =    هَلْ يُرْتَضى للوَرْدِ بَعْدَكَ يَذْبُلُ؟


أمْ لِلْجِنانِ طَفِقْتَ تَسْعى مُسْرِعاً؟        =        وَلِرحْمَةِ الباري تَسيرُ وَتأمَلُ


خَلّفْتَ بَعْدَكَ كُلَّ ذِكْرٍ طَيبٍ               =     رُغْمَ البيانِ فما صِفاتُكَ تَكْمَلُ


ماذا أقُولُ لكي أُوفّي ما بِكُمْ        =            حَسَنُ الصَفاتِ , ونُبْلكم مُتَأصِّلُ


كَمْ في حَياتِكَ مِنْ مَأَثِرَ حُلْوَةٍ        =         إنَّ العزاء بِأنَّ ذِكْرَكَ مَاثِلُ


لَوْ أنَّ عُمْرَكَ يُشْتَرى لَرأيْتَنا            =     نَشْريهِ بِالأمْوالِ, غيرك يرحل


أوْ تُفْتَدى لَرأيْتَ مِنَّا ثُلَّةٌ              =   رَدّوا المَنُون وما بِلحْدِكَ تَنْزِلُ


لَكِنَّها الآجَالُ إنْ حَانتْ فَلا       =       رَدٌّ لها , من في الحياة يُعدّل ؟


*****************


يا لِلحَوادِثَ كَمْ أُلوفٍ يَتّمَتْ ==        زَادتْ حَوادِثُ سَيْرِنا فَتَعقَّلوا


قَدْ كَانَ في العشْرين أعْزَبَ طَالِباً ==     سَمْحِ المُحَيّاَ ,بالتُّقَى يَتَسرْبَلُ


إنَّ النُفُوسَ لِفقْدِهِ مُلْتَاعَةٌ  ==           وَقُلوبَنا عَن ذِكْرِه لا تُشْغَلُ


يا خَالِقِ الأكْوانِ إلهِمْ صَحْبَهُ ==         وَذَويْهِ صَبْراً إنْنَا نَتَوسَلُ


وارحم إلهي مِنْ عِبَادِكَ مُؤْمِناً ==        قد جاء مسرورا , بعطفك يأمل

(1) . نظم الشاعر القصيدة يرثي فيها الطالب حسين حافظ طاهات

, الذي صدمنه سيارة  اثناء قيادته لدراجته في جمحا  عام 1981 , وكان

حينها طلبا في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة  اليرموك , من الأنسباء.