الشتاء

قد كفى يا شمس وهجا قد كفانا = إنّه الصيف , وياما قد قلانا

شمس صيفي خَجِلتْ سؤ صنيعٍ = أيبستْ خُضْر الروابي وكَلانا[1]

وأتى يتلوه فصْلٌ شِبْه صيفٍ = وخريف العام قاسٍ في ذرانا

مستظلا كنتُ يوما وصديقي = نرقب الأمطار كي تسقي نمانا[2]

فأطلّتْ غيمة ذات ضباب = وبها الغيث , وذا ربي سقانا

أبرقت ثم رعود بعد برقٍ = أظلم الجوُّ ككحل , ذا سمانا

نزل الغيث بسقيا ذات خير = أنبتَ الزرع وزهرا أقحوانا

مرحبا يا قطْرُ تمحو حرّ صيفٍ = مرحبا يا ثلج تُنشي مقلتانا

أنظر الأشجار تُبْدي عُرْيها = رغم أنّ البعض مكسوٌّ زمانا

تُملأ الآبار من ماء زلالٍ = تُنبِتُ الأرض زهورا أرجوانا

حينها الأبقار ترعى والمواشي = وترى الجديان مرحى في ربانا

ذات يوم قد أفقنا في صباحٍ = وعلى الأرض بياض كيف كانا

قد كسا الثلج ربانا باشتياق = ففرحنا , إنّ في ذاك مُنانا

نرقب الثلج بشوق وامتنان = يصعب السير كثيرا إن أتانا

يلعب الصبيان فيه , شبه حرب = يتأذى البعض من رمي حَصانا[3]

مَقْدَم الخير علينا, رغم أنّا = قد نقاسى برده أنّى أتانا

وبه الطير تعاني بعض جوع = شدّة فيه , ولكنْ مبتغانا

حضر الدوري يعنّي فوق غصنٍ = يتفلّى جائعا, يبغي عطانا

قلت يا ربي طيور جائعات = أبعد الفقر إلهي , عن ذرانا

واجعل الغيث عطاءً ونماءً = وفّق الخلق لما يُثري هُدانا

حكمة الله وفضلٌ وهدىً = كي يدوم العيش, مملؤاً حنانا

يا إله الكون ما أحلى العطايا = بِشِتاءٍ, فمن الغيث دمانا



[1] . الكلأ ,الأعشاب التي ترعاها المواشي في الجبال والسهول في المراعي .

[2] . نمانا : المزروعات وما ينمو في الأرض من نباتات .

[3] . حَصانا : جمع حصى , وهي بعض حجارة أو مواد صلبة توضع داخل كرات الثلج أحيانا .