بدأت خيوط الإنقلاب العسكري في مصر  بالظهور تدريجياً.وكاد حجم المؤامرة أن يبان للجميع.الغريب بالأمر أن ظاهرة الحشود والملايين التي نزلت للشارع وبالذات لميدان التحرير وتململ بعض الحشود من أزلام النظام السابق وفلوله , كانت مرتبة ومخطط لها,ومدفوعة الأجر.

ويبدو إن  حشد يوم 30/6 المخطط له كان يرمي لتحقيق هدفين أساسيين:

أولهما صرف الأنظار عن مايجري في سوريا من قتل وتدمير لصنف بشري متواجد على الأرض السورية أو طائفة بعينها ,والهدف الثاني إيهام الناس بأن الملايين –والتي قبضت سلفا- مقابل تحشدها , أنهم يطالبون بخلع الشرعية في مصر والقضاء على نفوذ الإخوان المسلمين بمصر بالدرجة الأولى, وبداية لتحجيمهم في أكثر من دولة ثانية.بعد أن مل الشعب حكم الإخوان وفشله من خلال العراقيل التي وضعت أمامه بقطع المحروقات والكهرباء عن الشعب المصري كدليل فشلهم في الحكم, وهو تدبير من أعداء الإسلاميين وفلول النظام السابق وقوى أخرى فاعلة.

ولكن كل من يراقب الأحداث وله بصر أو بصيرة, يرى أن خيوط اللعبة انكشفت بعد مهلة ال48 ساعة التي منحها السيسي لمرسي والقيام بالإنقلاب , لتعود الكهرباء وتتوفر المحروقات وتنهال الأموال بالمليارات وخلال أيام ما كان لمصر أن تحصل عليها أبدا ولا حتى خلال سنوات من حكم الإخوان.

إنّ التسارع الكبير في إغداق الأموال على الثوار الجدد –المستأجرين – وإرسال الوفود والسخاء العربي, إثني عشر مليارا من ثلاث دول عربية فقط, ويعتقد بوصول أضعاف هذه المبالغ من جهات أخرى أو ستصل تباعا فيما بعد , يؤكّد حجم التآمر على الإخوان –وهم النواة والقوة الكبيرة للإخوان في المنطقة العربية- للتخلص منهم ثم يواصلون المشوار بحلقات متواصلة في دول أخرى تلي تباعا.

وهل هذا الدعم الكبير ضد الشرعية في مصر , يدل على حجم التخوف من الإسلاميين كحزب أم التخوف من عودة الإسلام؟

لقد جاء الربيع العربي بالإسلاميين على رأس الحكم في كلّ من تونس وليبيا ومصر.وبدأت المؤشرات تدل على قرب وصول المتدينين الثوار في سوريا للحكم . وإنّ المناداة بالخلافة من قبل بعض الفصائل الثائرة في سوريا كقوات النصرة والسلفيين , أخاف الغرب وارتعدت قلوبهم, الأمر الذي دفع الكثير من الدول لتغيير موقفها من الثورة , وزيادة الشروط لدعم الثوار مما أعاق تقدمهم وتسبب في تراجعهم.حيث بدأت الرؤيا لدى بعضهم ببقاء بشار وإطالة أمد حكمه لاعتقادهم انه ينوب عنهم بقتل المجاهدين.

إذن هناك مخاوف من الإسلاميين أثبتها الدعم الكبير للإنقلاب عليهم بمصر, كما بدأنا نسمع عن حركة تمرد في تونس لإقصاء الإسلاميين عن الحكم , وقد يرافق هذا حركة تمرد ضد حكم حماس , أول مؤشراتها احكام الحصار عليها وتدمير الأنفاق- الرئة التي بواسطتها يتنفس اهل غزّة- ويقابل ذلك وقف الدعم الإيراني عن غزة بعد التأكد من عدم دعمهم لتدخل حزب الله في سوريا, بعد ارتكابه لمجازر في القصير ودرعا والغوطة وأية مناطق يتواجدون فيها.وقد يلي هذا الخناق والحصار وتوقف الدعم وهدم الأنفاق مايشبه قطع الكهرباء والمحروقات عن مصر , ليتم نفس السنياريو الذي حصل بمصر.وتستمر هكذا حلقات في دول أخرى , كحركة التمرد في تونس وربما بغيرها لاحقا.

ويبقى السؤال مطروحا, ماسرّ التخوف العربي بالذات من وصول الإسلاميين للحكم في أي بلد عربي, أو ماسر التخوف الغربي من ذلك أيضا؟وكأن هذا قرار متفق عليه عالميا , حيث بدء بتطبيقه في الجزائر بمنتصف التسعينات بالإنقلاب على عباس مدني بعد فوزه بالإنتخابات الرئاسيه , حيث سجن ولم ينصّب, وجيء برئيس كان يقيم في فرتسا منذ سنين.وهذا مرسي دبّر له ليتبع ويسير على دربه ويلاقي نفس المصير.

إن إقصاء الإسلاميين عن الحكم بمصر , وما نراه من تململ ضدهم , وما يرافق ذلك من حملات اعلامية مضللة , وإغلاق جميع القنوات الداعمة أو الناطقة بالإسلاميين والدعوة للنزول للشوارع من جديد لإيجاد الذريعة والمبرر لحكم عرفي وتقزيم الإسلاميين , وقتل وسجن الرموز والمرشدين .قد يعني العودة بمصر ثلاثين عاما للوراء.

وقد يكون التغيير الذي حدث بقطر يصب في نفس السياق.البدء بجريدة القدس العربي , ثم مغادرة سماحة الشيخ القرضاوي قطر لبلده الأم في خضم الأحداث.ولا أدري أن كانت قناة الجزيرة ستطبق نهجا جديدا قد يعادي الإخوان أو يعمل على التقليل من شأنهم وهذا ماستثبته الأيام القليلة القادمة.

النيجة المؤكدة أن حركة الإخوان المسلمين تواجه مخططا ممنهجا , تشترك في صياغته العديد من الدول العربية والغربية وإيران واسرائيل, لإبقاء الدول العربية في حالة اقتتال دائم , والكل يخطب يخطب ود هذه الجهة أو تلك لتقع بالنهاية تحت سيطرتها وتتملك قرارها وتسلب خيراتها ومقدراتها , ويبقى العرب يعيشون في دوامة صراع دائم في مابينهم يستمطرون رحمة الأعداء وعونهم , لايعرفون سبل التقدم.

*****

27/7/2013