هنا التسجيل الصوتي فيديو لقصيدة رحلة الالام

من عمل الذبيان للصوتيات

رحلة الآلام

يا أيها الحفل الكريم تحيّة = أنتم سَراة الجيل في أزماني

قد جئت مبتهلا أحيي نخبة = من معْشر الأمراء والإخوان

يا معشر الشعراء طاب لقاؤكم = إنّي أتيت أبثّكم أشجاني

قد شدّني ما في عكاظ من المنى = وتفرّد , والأصل من عدنان

هذا مكان بالفخار مدثّرٌ = فالشعر والأدباء هم صنوان

فيه البحور تلاطمت حيويّةً = بالود يطفح دونما كتمان

للشعر فيه مواسم موسومة = برعاية دأبَتْ على الإتيان

ما كان هذا الحشد لولا جهدهم = لتكون أرض عكاظ ذا لَمعان

هذا عكاظُ بجمعكم متورّدٌ= يزهو بكم فرحٌ وذا برهاني

العاشقون ثقافة بتزايد = والعازفون لأعذب الألحان

والمبدعون تشوّقا لدياره = فعكاظ أزهر , يا لطيب جنان

النفس فيه تفتّحت لحفاوة = والقلب رفّ لصاحب العرفان

ما كان هذا اليوم إلّا خالدا = ومميّزا في سائر البلدان

قد جئت مشدودا بُعيد تجوّلٍ = بربوعنا, فأصبت بالدوران

قد حار أمري كيف أعرض حالنا = فمصابنا, الكلّ منه يُعاني

غادرتُ أهلي والفساد يعمّهم = ويلفّ شعبا دائم الغليان

ذاقوا الكثير طوال أعوام خَلتْ = صمتوا طويلا, دونما نسيانِ

بدئوا التظاهر منذ عام بيننا = هتفوا وهاجوا دون أيِّ تواني

أمِلوا بإصلاح المسار وإنهم = خلطوا الفساد, فبان كالإحسان

وبدا التشاؤم واقعا في بيتنا = في مجلس النواب والأعيان

-----------

عرّجتُ نحو الشام ألهث بائساً = وإذا بها في فُرقةٍ وطِعانِ

في الشام قُتّلَ أهلنا بمذابحٍ = ورماية والقصف بالطيران

قصفوا البيوت, وقتّلوا سكانها = بقروا البطون, وزيد بالطغيان

قد دمّروا الأحياء قصفا مرعبا = وأَدوا الطفولة دون أيّ حنان

بالطائرات وبالمدافع زلزلوا = مُدُنَاً غدتْ في صورة القيعان

لم يذكروا الجولان في أيّامهم = لا بل نسوا ما تمّ بالجولان

غصبوا الحرائر لا ضمير ولا تُقى = قتلوا الشيوخ , وقَبْلُ بالوِلْدان

هم كالأرانب ضدّ غاصب أرضهم = (أُسْدٌ) على الأطفال والنسوان

يا للعروبة من يغيث حرائرا = جندٌ طغاةٌ فعلهم شيطاني

هم نكّلوا بالشعب دون هوادة = متغطرسون, وهم بلا إيمان

من قال معتصماه كثرٌ,لو درى ! = عن فعل جيشٍ مارق وجبان

وعن اغتصاب شاع في أحيائهم = وعن اعتقالٍ سافر ل (يمان) [i]

لاستنهض الأموات في زمن بدا = أهل العروبة فيه (كالطرشان)

ماتت ضمائرنا, فسوريا غدت = أمّ المجازر , بعد كثر طِعانِ

أنظر صلاح الدين ,بطشا حولكم = تدمي القلوب جرائم النكران

ولذا, فإنّ الشعب قام بثورة =ها هم شباب الشام كالبركان

وبدا انشقاق الجيش يدعم ثورة = هم في الحقيقة خيرة الفرسان

طلبوا الشهادة مؤمنين بربّهم = هم مؤثرون لطاعة الرحمن

أحرار جيشٍ قد سَمَوا بصنيعهم = وبسالةً أبدوا وكلّ تفاني

يا معشر الشعراء هذي شامنا = تحت العذاب , تُقاد بالشيطان

فالشعب عانى من وحوشٍ نكّلوا = وعذابهم من عصبة الزعران

يا رب ما هذا الذي ينتابهم = الجور عمّ , وزاد بالطغيان

ارحم إلهي ضعفهم وكهولهم = ونساءهم مع معشر الغلمان

-----------

غادرتُ أرض الشام نحو عراقنا = ويدي على قلبي من الأحزان

فهنا انفجار قاتل ومدمّرٌ= ثم اغتيال مفزعٌ أدماني

ناديت هارون الرشيد فلم يُجبْ = لولا الموات لهبّ بالأكفان

فلجأتُ للمأمون ينظر ما بنا = من فرقة وتباغض وهوانِ

فبكى التشرذم في ديار عروبة = وكأنهم والهمَّ يصطحبان

فهناك شيعيٌّ وسنيٌّ أرى =وكذاك كرديٌّ عدا السرياني

وتجمّعوا بمسميات كلّها = أدّتْ إلى الإضعاف والخذلان

ناديتهم لتصالح وتوحّدٍ = لكنْ أبَوا, إلّا مع الفَلَتان

فدعوت ربي أن يزيل خصومةً = بتودّدٍ وتراحمٍ وتدان

غادرتهم وسمعت أنّة حُرقةٍ = (طُنْبُ)[ii] الكبيرة قد بكت إتياني

ما أختها الصغرى بأفضلَ حالةً = ترنو الخلاص إذا التقى الجمعان

وكذا (أبو موسى) تنوء بحملها= بعد احتلال سافر إيراني

جزرٌ تئن, وذا يزيد مواجعي = إنّ التفرّق جاء بالعدوان

رسْم الحدود يثير بعض مشاكل = كم في التوحّد من علوِّ الشأن !

أَدعو الإله لوحدة عربية = فأجبْ دعائي خالق الأكوان

تابعتُ سيري نحو صنعا قاصدا = يَمناً سعيدا كان في الأذهان

فرأيت جوعى في البراري شُرّدوا = بؤسٌ وفقرٌ , حالهم أبكاني

ومررت بالجرحى الذين تجمّعوا = في ساحة الشهداء, يا أخواني

واستعرضوا من قُتّلوا بمسيرة = سلميّة , والرد بالنيران

مازال باليمن السعيد تناحرٌ = وتصارعٌ في حالة الغليان

-----------------

بتحسّر وتألمٍ غادرتهم = ووصلتُ بعض مناطق السودان

قد قسّموه إلى شمالٍ منهك = وإلى جنوبٍ , والحدود تعاني

والنقص في المردود زاد عذابهم = والحال ساءت دون أيّ أمانِ

هذا استبد, وذاك أفسد عيشهم = والشعب ثارَ يصول في الميدان

في (دارِفورَ) تقاتلٌ ومذابحٌ = طال الصراع, وذاك جرح ثان

فرحلتُ عنهم والفؤاد مُوجّعٌ = وكأنّنا في سالف الأزمان

وذهبتُ للصومال أشهد حالهم = فصراعهم ما كان في الحسبان

حرب ضروس دمّرت أحياءها = قلبي تقطّع, همّهم أضناني

وكذا المجاعة بازدياد ماثل = يا للمصاب , يُصيبُ بالغثيان

(ليبيا) قصدت بُعَيْدَ حالة ثورة = بعد الجراح , أُطيح بالطغيان

ما زال فيها للصراع مداخل = لكنْ بوادر ما بهم واساني

في تونس الخضراء تمّت ثورة = بيضاء كانت , جئتهم بتهاني

ف(البوعزيزيْ )[iii], كان ضحّى مُعْلِنا = الجور فينا بالردى واتاني

وتحسّنت أحوالهم من ثورة = وعدالة , فيها مسار أمانِ

وشهدتُ في مصر الكنانة ثورة = بعد الظلام وعيشة الحرمان

مرّت عقود والتسلّط جاثم[iv] = فوق الرقاب , أُزيل بالفتيان

وتنفّسوا عدلا بمصر بفرحة = وله تنادوا بالفم الملآن

وجرى انتخابٌ للرئيس مؤرّخ = بعدالة ونزاهة وتفانِ [v]

وبدا المسير كما يُرى بتأمّل = وتودّد بمشورة الإخوان

قالوا الربيع بأرض يعرب مؤلمٌ = وأتى على الآلاف بالمجّان

عَرَبٌ وإسلامٌ بضعفٍ ماثلٍ = قتْل وفقرٌ ثم عيش هوان

في رحلة الآلام ثمّة مشهدٌ = تُبكي الفؤاد لشدّة الطغيان

إنّ الفساد يقضُّ مضجع أمّةٍ = في ذا الوجود بعالم الإنسان

قد آلمتْ نفسي مشاهد بُغْضةٍ = وتناحرٌ في أغلب البلدان

المغرب العربيّ أنّ لفرقةٍ = في المشرق العربيّ همٌّ ثان

هل مات حلمي أنْ تُوّحد أمتي؟ = وتحرّر الأقصى مع الجولان

ويعود قومي للعلا بديارهم = ونعيش في دِعَةٍ بها وأمانِ

يا عرب ما هذا الذي ينتابنا؟ = ذقنا الهوائل ما بنا أعياني

يا أمة القرآن كنتم سادة = ماذا بكم والنصر بالقرآن

رصّوا الصفوف , توحّدوا واستأسدوا = أنتم حماة الدين والأوطان

فالله أسأل للجميع مهابة = وهداية بالعود للفرقان

ويزول ظلم قد لمستُ برحلتي = ونعزّ, ثم نسود في الأكوان

وأرى عكاظ بجمعه متألقا = نورا يشّع بعالم الإنسان

ما كان هذا اليوم إلّا خالدا = ومميّزا في سائر البلدان

شكرا لكم, لجهودكم ولسعيكم = لثقافة مشدودة البنيان

ذي قصتي في عالم متناحر = القتل أمسى مِثْل عزف قيان

ألله ربي أرتجيك شفاعة = للمسلمين بنصرك الرباني

واحفظ عكاظ منارة متوقّدا = طول المدى, يا ربّ يا رحمن

**********

1/7/2012



[i]. يمان القادري . طالبة سورية تدرس الطب في جامعة دمشق وصفت بجمالها اختطفها عشرة من الشبيحة لمدة زادت على العشرين يوما.

[ii].الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التي احتلتها إيران من أبو ظبي .

[iii]البوعزيزي. شاب تونسي أحرق نفسه احتجاجا على الأوضاع في تونس وكأنه بداية للثورة التونسية .

[iv]عقود من التسلط خلال حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك .

[v].اجراءات انتخاب الرئيس المصري الحالي محمد مرسي , وهو أول رئيس مدني ينتخب منذ عقود .