وقفة تأمل , ومواسير الصرف الصحي

لست متشّفيا , ولا أحب التشفّي, وليس هذا من طبعي.ولكني أقف أحيانا عند عابر الكلام , وحِكَم الأيام.ويقولون , العاقل من اعتبر بغيره.

وقفت عند موت العقيد القذافي أو مقتله,وهو حديث الساعة هذه الأيام, وله يتوجه النقّاد والمحللون والسياسيون . أنظار الكثيرين تتوجه للساحة الليبية , كما تتوجه لغيرها من الساحات الملتهبة المبليّة , أو الساحات الشبيهة أو القريبة الشبه.

البعض ينظر إلى النهايات , وآخرون للبدايات , ونفر يربط البدايات بالنهايات , من أجل أن يستخلص العبر ما أمكن.إنّ الذي استوقفني بعض الوقت , ما ورد على لسان أحد أفراد الكتيبة التي ألقت القبض على العقيد القذافي, من أنه كان يختبىء في أحدى أنابيب أو مواسير الصرف الصحي – إن سمعت المعلومة جيدا – فعادت بي الذاكرة إلى أيام خوالٍ سبقت . وهنا أكرّر أنني لست متشفيّا , ولكني أربط البدايات مع النهايات .

كان يصف نفسه , بأنه ملك الملوك , وأنه ملك ملوك العرب وشمال افريقيا ,الثائر المجاهد , حسب ذاكرتي, وتذكّرت الجاه والوجاهة والحشم والخدم والقصور والخيمة الأعجوبة التي كانت تنتقل معه في حلّه وترحاله.

عدت للمليارات , ولأطنان الذهب ونهب الخيرات والموارد , وإلى الهدايا التي كان يغدقها على معارفه وزواره حسب مزاجه- وهم كثر ومن بينهم كونداليزا رايس – تلك العظمة وذلك التبجيل وتلك السطوة , ثم تنتهي به الأيام وتحكم عليه الظروف ليختبئ في مواسير الصرف الصحي. من أفراد شعب ثائر , كان يصفهم بالجرذان والفئران , فسبحان الله, أمره بين الكاف والنون.معلومة توقفت عندها مليا , ورجعت بذهني للماضي والحاضر , وتنقّلت بذاكرتي في ربوع وطننا العربي الكبير بمساحاته , الغني بثرواته , الفقراء شعوبه , والملتهبة ساحاته في بقاع مختلفة,ورأيت القتل والتدمير والتعذيب والتشرد وصيحات الاستغاثة  ومن وصلت بهم الحال حد التأليه.

ألم تستوقف هؤلاء مواسير الصرف الصحي أو نهاية تشاوشيسكو,وأمثاله؟ لعلّهم يعودون عن غيّهم بعد وقفة تأمل .

فسبحان الله القوي الجبار, وإليه ترجع الأمور.22/10/2011

www.shafiqrababah.com