أرفق بحالي يا إلهي إنّني = والفقر منذ خليقتي كالتوأم

الناس تحيا في نهارٍ مُشْمسٍ = والنور يبعد عن خطاي كمُهْزَمِ

شاهدت إبنيَ ذات يوم باكيا = والجوُّ يبدو كالظلام الُمُعْتِمِ

فسألته ؛ ماذا دهاك , أجابني = الفقر والحرمان قوتي مغنمي

بالأمس زرت زميل صفٍّ ساعة = أبغي أموت لحرقتي وتألمي

ما أنْ دخلتُ عمارة تَصِلُ السما = ووصولها بمصاعد وسلالمِ

فخْر الأثاث, وما رأيت مثيله = أعجوبة في واقعي أو محْلمي

من أين جاؤا بالزخارف والطِلا = لون الأثاث كما الجدار القائمِ

الفقر ودّع أرضهم وسماءهم = حتى الحفيد رصيده بتراكمِ

لا فرق بين صغيرهم وكبيرهم = فالكلُّ باشا في نعيمٍ دائمِ

ورصيدهم في عيشهم متميّزٌ = لهمُ البنوك وما بها من أسهمِ

خلّفتني محروم لبسي والغطا = وقذفتني وَسَط الجحيم المظلمِ

أبغي أموت لكي تكون نهاية = للفقر بعدك يا أبينا المعدم

                               ------------

فأجبته ؛ مهلا تريّث إنّني = قد عشت عمري كالغريب المجرم

كافحت أعمل في النهار وليلهِ = ماذا ورثت ؟ أغير دينٍ جاثمِ

الضعف جبنٌ, والتمني صدمةٌ = واللوم سخط , في مذاق العلقمِ

أبق الكتاب رفيق دربك كي ترى = ما في البلاد تقدّما يا مُلْهِمي

إنْ تبغِِ مالا, فامتهن لك حرفة = واجعلْ طريقك واضحا بالمعْلَمِ

لا تنس دينك والشهامة دائما = فبدونها , بئس المصير بعالمي

شمّر ذراعك في الحياة مثابراً = تصل الكفاية في القريب القادمِ

إنّي بدأت من الحضيض كما ترى = فاكمل طريقي مسرعا بتعلّمِ

لا تبتئسْ مازلتَ غضّا يافعا = والزهد ديدننا بعيش حالمِ

إنّ المسالك في الحياة كثيرةٌ = نهج الرسولِ وهدي ربّي مغْنمي

هذا رصيدي في الحياة حقيقةً = وبِشرْعِ ربّي ماحيينا نحتمي

الرزق من ربّ العباد مُقدّرٌ = فحذارِ يوما بالمذلّة ترتمي

إنهج بعيشك ما تراه مُحلّلا = وازهدْ , فإنّ الزهد خيْرُ مُعلّمِ

                           ---------------

عدت لدفاتر الذكريات وهي كثر, فعثرت على هذه القصيدة التي كنت قد نظمتها في منتصف السبعينيات ,ووجدت الكثير غيرها, وأنا شاب يافع , وثقافتي توجيهي فقط.فرأيت نشرها اليوم وبتاريخ 4/11/2011 , بعد مرور أكثر من خمسة وثلاثين عاما على نظمها .