أزف الرحيل

إنّي نويت على الرحيل مودّعا = وطني الحبيب وعزوتي وغوالي

أنا راحل رغم اشتياقي للذرى = عمّان أمست في الهوى موّالي

آنستُ فيك معالما لا تُنتسى = يا للمدرّج[1] والعهود خوالي

يا مسقط الرأس الذي يبكي على = عمْرٍ قضيتُ , يتوق للإطْلال

يا أيها الريان[2] إنّي راحلٌ = شوقي إليك بواقعي وخيالي

قد جاء غٌرْبٌ واشتروا زيتونتي[3]=والبعض عُرْبٌ,أتعسوا لي حالي

الماء شحّ كما المؤونة أُنقصِتْ = والسعر زاد وجاز حدا عالي

والكهرباء تضاعفت في سعرها = والغاز كابوسٌ بأيّ مقال

والحال ساءت كيف أوصف كُنْهها = والدار كلحى[4] تلك كالأطلال

ماعدتُ أعشقها لفقد حنانها = والدفء ولّى مُنْذِرا بزوالي

والظلم خيّمَ والفساد مؤطّرٌ = والبطش ساد وبات ذو إجلال

والعدل ولّى باكيا ممّا بنا = من خسّةٍ ومذلّة بتجالي[5]

ودّعتُ عهد الإبتسام بحرقة = فكئآبةٌ في أحسن الأحوال

غنيّتُ ما قبل الفساد بفرحة = واليوم أبكي حالة الإذلال

ماكان سهلا أنْ أُودّع أخوتي = يا للوداع لديرتي في الحال

الجسم باقٍ بضع وقت بينكم = والعقل طار وصار كالرحّال

ذهب الربيع مودّعا لسهولنا = وأتى الخريف يهيج كالزلزال

باعوا البلاد لكل من رغب الشرا = ولكلّ من ملكوا لحفنة مالِ

صار الأجير معلّمي بل سيدي = وأنا أُحمّلُ أثقل الأحمال

حاولتُ جهدي أن أعيش بعزّةٍ = وكرامةٍ,فصُدِمْتُ بالأهوال

فحزمت منذ الأمس بعض حقائبي = وغدأ سأبدأ قصة الترحال

أنا راحلٌ وبلا وداعٍ علّني = أتنسّم الإصلاح في تجوالي

*****

21/5/2013



[1] المدرج الروماني في عمان حيث يروي عن ماض بعيد

[2] . الريان :وادي الريان الذي يتبع أراضي بلدة جديتا مسقط رأس الشاعر

[3] . زيتونتي : ترمز للأرض والدار والمؤسسة وكلّ ماتم بيعه

[4] كلحى : كالح لونها وكأنها موشّحة بالسواد

[5] . بتجالي . من الجلي الوضوح